علاقة الخيول بمناجم الفحم ( قصة غريبة ومؤلمة )


علاقة الخيول بمناجم الفحم ( قصة غريبة ومؤلمة )

المصدر : أحمد إسماعيلي

كانت زيارة مهمة بالنسبة لي تلك التي قمت بها رفقة مجموعة من الأصدقاء ( زيارة عمل ) لأحد المزارات السياحية والتي كانت سابقا آبارا لإستخراج الفحم بأحد المدن الأوربية . هذه الزيارة إجتمعت فيها الرغبة في المعرفة والوقوف على محطات مليئة بالشجن والألم . وأثناء دردشة مستفيضة مع أحد المتخصصين (وهو بمثابة دليل سياحي عويدي ) في تاريخ هذه الأشغال والملم بكل حيثيات هذا الموضوع ، إستنتجنا الكثير من المخرجات لعل أهمها المعاناة وشروط الإشتغال التي كان العمال يعيشونها آنذاك . ولإشباع فضولنا لم نتردد قط في النزول لاحد الآبار رفقة ذلك الشخص لمسافة تفوق 60 مترا تحت الأرض تملكنا حينها رعب رهيب إنما حب المعرفة والتشويق جعلنا نكمل المهمة حتى النهاية .

بالنسبة للحوادث فقد كانت عملية البحث والتنقيب والحفر سابقا خصوصا بالقرن الماضي تعرف الكثير من التعقيدات والمفاجآت كإنهيار الآبار أو غمور المياه الباطنية للممرات وإنقطاع التهوية حد الإختناق في كثير من الحالات . من هنا جاءت فكرة وضع عصفور داخل قفص في مكان ما بالممرات إن بقي على قيد الحياة فهو دليل على وجود تهوية وأن كان العكس وجب عليهم ترك المكان . في مرحلة أخرى كانوا يأتون بأحد المحكوم عليهم بالإعدام ويضعونه مكبلا في مكان بعيد بالممرات مصيره كمصير ذلك العصفور . إنها قمة الوحشية وحقيقة مرة بحقبة قاتمة من تاريخ أوروبا .

مع مرور الوقت والتفكير في حلول عملية تم التوصل إلى إحدى الطرق لتوفير الهواء تحت الأرض من طرف أحد المهندسين الأوربيين أنهت هذا الإشكال .
أما فيما يخص العمال فقد كانوا يستعملون أدوات جد بدائية في عملية الحفر تستوجب جهودا إضافية منهم وكلهم من جنسيات متعددة يختلفون قطعا في التواصل واللغة ويلتقون في اللون الأسود على وجوههم من آثار الفحم .

إلا أن المرعب والغريب في القصة وفي الموضوع هو إستعمال الدواب داخل الممرات تحت أرضية لجر العربات المحملة بالفحم . إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال إستعمال آلية بالبنزين داخل تلك القنوات تجنبا لكل خطر يحذق بسلامة العمال جراء الإختناق وتأزيم الوضع أكثر مما هو عليه . الامر الذي طرح فكرة إنزال الخيول لمسافة تصل إلى 500 متر تحت الأرض قصد القيام بهذه المهمة بحيث يمكث ذلك الحيوان المسكين أكثر من خمسة عشر سنة في تلك الدهاليز

في عمل متواصل و ظلام مستمر لا يرى سطح الأرض بالمرة الشيء الذي يجعله يفقد بصره ويواجه مصيره المحتوم . ظل العمل بهذا الحال إلى أن جاءت الكهرباء وتم إختراع قاطرة صغيرة (lokomotive) أنهت بذلك محنة هاته الدواب التي لا حول لها ولا قوة . إنها مأساة بكل المقاييس ، سلوكيات لا تراعي جانب الرحمة والرفق بالحيوان التي طالما طبلوا له وزمروا له . تاريخ أسود يعكس مدى حب تلك المجتمعات للمال والربح ولو على حساب حياة الإنسان البسيط والحيوان.

ما ذنب تلك الحيوانات من هذا كله والله قصة آلمتني كثيرا ووددت أن اشارككم إياها ، إنها جزء من كتاب للتاريخ تم نفض الغبار عليه وما خفي كان أعظم .

علاقة الخيول بمناجم الفحم ( قصة غريبة ومؤلمة )

علاقة الخيول بمناجم الفحم ( قصة غريبة ومؤلمة )

علاقة الخيول بمناجم الفحم ( قصة غريبة ومؤلمة )

علاقة الخيول بمناجم الفحم ( قصة غريبة ومؤلمة )

علاقة الخيول بمناجم الفحم ( قصة غريبة ومؤلمة )

تاريخ النشر : 2019/12/25 م