شارعي فاس و إيسلي بعين بني مطهر
شارعي فاس و إيسلي بعين بني مطهر كانا ينبضان اقتصادا و حيوية
يحكى أن شارعي فاس و إيسلي كانا ينبضان بالاقتصاد و التجارة و الحيوية بحيث كان ثلة من اليهود و الفاسيين ينشطون التجارة بهما كالدريزي لعرج و يوسف بامي و كاطا و لاكروى اليهود و أيضا ثلة من الفاسيين كانوا يساهمون في تحريك عجلة الاقتصاد و التجارة بحيث لما رحلوا أصبحت كل دكاكينهم على طول الشارعين المذكورين مغلقة إلى يومنا هذا ..
و لما جايلنا سبعينيات القرن المنصرم و نحن صبية صغار كنا نرى شارع فاس يعج بالحركة التجارية من بيع للصوف و السمن و الكليلة و كذا الكسوة و الأحذية و غيرها كانت أيضا نسوة و عجائز البلدة تروجن الدجاج و القنان و البيض و الطباق المصنوعة من الحلفاء و غيرها عند رأس تقاطع شارعي السوق و فاس فكان يؤثث المجلس بالسوق أيضا بعض المجانين كمقراج وجدة و السي عبد القادر و "خيرة بنت ما" الجزائريين و بلخضر من هوارة كان يحدث الشغب و يثير الرعب في نفوس العجائز
و يمر تارة بنهلو فتتناهى من فمه إلى أسماع الناس " ما بقاو رجال" إلى أن تنخفض النبرة رويدا ثم يأتي بعده سالم فيبهر الجميع بكلامه " خرجت من كرش ما بلاعيب و العيب هداف" إلى غير ذلك من أقوال هؤلاء المجانين الذين قيل بأن الحقيقة على أفواههم .. ثم حينما تهبط صوب أخر شارع السوق غربا كانت تنتصب حنفية عامة يستفيد من مائها من ليس لديهم ماء بعين بني مطهر فتجد بائعي الفصة و النعناع ..
ثم كان والدي رحمه الله بارعا في البيع بالمزاد العلني أثاثا أو أي شي من الأثاث المنزلي المستعمل بحيث تعلم ذلك حينما كان يعيش بالجزائر لفترة من الزمن ثم ما يلبث أن يقوم بلفة حول الفيلاج يبرح عن جنازة قيقول لا إله إللا الله محمد رسول الله "يا قلوب الكياص" انهضوا لتشييع جنازة أو أحد الناس أهمل وثيقة أو مالا .. و حينما تقوم بجولة حول الشارعين تجد العيد الحلاق منهمك في حلق ذقن و يشنف السامعين بأغنية القمر الأحمر لبلخياطي أو إحدى روائع أم كلثوم ،
ثم تارة ترى الهند يحدث مجالسيه حول محاولات انظمام المغرب للسوق الأوربية المشتركة فيباغثهم بمستملحاته المعروفة "واش المغرب يشارك بالطجين المراكشي راه ماشي ساهل باش تدخل للسوق الأوروبية المشتركة حينما تطلب هذه الدول من المغرب اعتماد حقوق الإنسان و تمكين المواطنين من الشوماج" كان داهية في التحليل السياسي في وقت كان يعتمد مذياع مفكك معلق في مسمار ببيته يسمع منه لأحدث الأخبار أنذاك بإذاعة لندن.. في الهامش الجنوبي للفيلاج تجد ما يسمى" بالسويرتي"
يجتمع حوله مجموعة من أبناء عين بني مطهر فيبدأ بهلوان في الرقص و بجانبه امرأة توزع أوراق المشاركة و بالتالي يربح أحدهم كيسان أو صحن ثم بعده ينفض الجمع .. و كانت أفرنة سعود و المير و السي العربي بنيحي و بوغرارة قبلة لاستقبال وصلات الخبز و التي انعدمت حاليا و كانت في اواخر رمضان تنبعث منها روائح الحلوى "الكاطو"
ثم كانت الكلتة تغني أبناء البلدة لوعة البحر و النسوة تقمن بتصبين الصوف أو الكسوة على صفيح خرسانة من عهد الاحتلال الفرنسي فكانت أيضا الجردة ملجأ الناس للتنزه ثم في أقصى وادي امسخسخة مباني دوار أولاد قدور و خيامه ثم ضيعات العين التي تراها على مد البصر مخضرة تتخللها مياه السواقي و حلق العسل الذي اندثر بفعل اصلاح أرض عين بني مطهر ..
يتيع
تاريخ النشر : 25-06-2020