طريق فاس بعين بني مطهر: ذاكرة تأبى النسيان


طريق فاس بعين بني مطهر: ذاكرة تأبى النسيان

المصدر : الطاهر بونوة /25/10/2012

زرت هذا الأسبوع مدينة عين بني مطهر مسقط رأسي ، وموطن ذكرياتي وأحلامي ، وبعد الجلوس مع الوالدة ، والإطمئنان على الأهل والأحباب ، وإرتشاف كأس شاي منعنع توجهت صوب وسط المدينة ، أو ما كنا نطلق عليه منذ زمان ( الفيلاج ) وهذه تسمية دأبنا منذ الصغر على النطق بها ، فبدأت جولتي إنطلاقا من طريق فاس ،

فلاح لي طيف جدي جالسا على كرسي عند السي عبد المالك الفيلالي ، الفقيه التقي صاحب الدكان المشهور ، والذي أَمَّ المسلمين رحمه الله لسنوات بالمسجد العتيق للمدينة ، خاصة في شهر رمضان، فألقيت نظرة على المكان إختزلت تلك السنوات التي كنت وأنا راجع من مدرسة عبد الواحد المراكشي ، أبحث عن جدي في ذات المكان لعله يجود علي ( بأربعة دورو ) صفراء اللون . ولم يخيب جدي رحمه الله ظني يوما فقد كان كريما إلى أقصى الحدود.

بعد هذه النظرات الخاطفة صوب حانوت السي عبد المالك ، واصلت المسير في هذا الطريق الذي أصبح بدون طعم ، فالوجوه الجالسة على جنبات الطريق ليست هي الوجوه ، وأصحاب الدكاكين لم أعرف منهم إلا السي الحسين والجد وبوزيان ، فقد تحولت الدكاكين إلى مقاهي يرتشف فيها الشاي . ذهب الذين نحبهم ذهبوا ، أين التجار والجزارون والنجارون والحلاقون من أمثال قدور السناسني والرويسة وبوشتة والسي أحمد النجار وبوعلام بومنديل

وأحمد ولد موسى والحاج بوعمامة و حمادة ، ومولاي الشريف والسي محمد بلعربي والإخوة بوعياد عبد اللطيف وكريم والدادسي وبنيعيش وبوكرون والسي أحمد السيكليس وميمون الزناسني وآخرون كانوا يؤثثون طريق فاس ، من أمثال حويدة سائق الإبل ، بدون أن ننسى أصحاب ( الضامة ) ولا أنسى ذلك اليوم الذي حضر فيه السي محمد بلعربي إلى حانوته متأخرا فوجد مجموعة من أصحاب ( الضامة ) منهمكين في لعبتهم المفضلة على عتبة الحانوت، فصاح في وجوههم أن يخلوا له العتبة حتى يتمكن من فتح حانوته، فخاطبه أحد اللاعبين بأن يتركهم وشأنهم منبها إياه إلى أن الأرض أرض الله، فما كان من السي محمد بلعربي إلا أن أجابه بأن الأرض أرض الله نعم، ولكن العتبة هي لسي محمد بلعربي فتفرق الجمع على وقع ضحكات الجميع .

كان طريق فاس بعين بني مطهر مثل طريق مراكش بوجدة ، فقد كان يعج بالحركة ، بحيث كان هو القلب النابض للبلدة ، بدءًا بحانوت السي عبد المالك ، مرورا بحانوت ولد المسعود وحانوت بوعلام بومنديل ، وصولا إلى حانوت بوكرون ، كان سكان البلدة يجدون ضالتهم في طريق فاس، يشترون أغراضهم ، ويطلعون على آخر المستجدات ، ويبرمون صفقات البيع والشراء ، ويحددون مواعيدهم ، لذلك لم ينمح هذا الطريق من ذاكرة أهل البلدة حتى الآن .