موسم مولاي عبد القادر ( وعدة بني مطهر )
بقلم : مصطفى بلحبيب
تختلف الروايات حول تاريخ وسبب نشوء موسم مولاي عبد القادر ( وعدة بني مطهر ) . والرواية المرجحة الأقرب للحقيقة والصواب هو أن إسم عبد القادر ليس هو مولاي عبد القادر الجيلاني الولي الصالح المدفون ببغداد والذي مر من هنا في تاريخ معين وحدث له ما حدث وكان سبب نشوء هذا الموسم . تلك رواية مغلوطة وليس لها أساس من الصحة .
عبد القادر هذا هو عبد القادر بن موسى النهاري وهو جزائري إستقر بعين بني مطهر في منتصف القرن التاسع عشر يعني حوالي 1850 م وبالضبط كان ينصب خيامه ب ( موقع مقبرة مولاي عبد القادر حاليا ) . يحكى أن الرجل كان صاحب مال
كثير من غنم وربما ماعز وإبل . وكان له نصيب من الخدم والحشم عبيد وآمات . كما كان على قدر من الصلاح والدين وربما يمتد نسبه الى إحدى الزوايا الدينية هذا يتضح لنا في الواقعة التي على إثرها نشأ هذا الموسم .
في إحدى الأيام ذهبت إِماء ( جمع آمة ) الشيخ الصالح لجلب الماء من ينابيع رأس العين . ومر بهم رجل من رجال قبيلة
بني مطهر ومنعهم من التزود بالماء بحجة انهن انقصن من الصبيب الذي كان من المفروض أن تحمله الساقية إلى أرضه . مزق هذا الرجل القرب ( جمع قربة ) وأتلف الأواني المخصصة لجلب الماء . رجعت الاماء لسيدهم عبد القادر بن موسى النهاري يشتكين الأمر . مما جعله يستشيط - يشتد غضبه - قد يكون دعا الله وأستجيبت دعوته . ويحكي حفيده عبد القادر بن الجلالي الذي لم يغادر عين بني مطهر حتى بداية السبعينات أنه كان لجده عصا حكمة حملها وذهب لعين المكان اقصد موقع الينابيع وقام بحركات معينة ودعا الله . غارت الينابيع وجف الماء . غير أن قصة العصا مبالغ فيها بإعتبار حفيده عبد القادر بن الجلالي كان شبه مختل عقليا .
كيفما كانت ردة فعل سيدي عبد القادر بن موسى بالدعاء أو بعصا الحكمة فإن حقيقة جفاف الينابيع ونضوب الماء أمر وقع تحمله عدة روايات شفهية . مما جعل القبيلة تسرع وتبحث عن سبب إنقطاع الماء في السواقي بحيث كانت تنبع ساقيتان كبيرتان من ينابيع رأس العين . الساقية الأولى في إتجاه فرقة أولاد قدور والفقرة والساقية الثانية في إتجاه أولاد بنعيسى وأولاد حمادي .
هرع أبناء القبيلة من كل صوب في إتجاه الينابيع وكثر القيل والقال والجدل وبعد عدة إحتمالات وتفسيرات . أكتشف أمر الرجل الذي منع إِماء سيدي عبد القادر بن موسى من السقي . وبعد تحقيق في النازلة عرفت القبيلة أن غضب هذا الرجل الصالح هو السبب في شح الماء . قد يبدو الأمر غريبا وخرافيا وإعتقاد خاطئ . لكن ما بقي من سرد للرواية يؤكد أن الرجل كان على قدر عالي من الصلاح والدين .
إنتدبت كل فرقة من القبيلة رجلين أو أكثر للتفاوض مع سيدي عبد القادر بن موسى وتم ذلك بخيمته . إستعطفه الرجال وتوسلوه أن يرفع غضبه عنهم في مقابل ذلك أن يجعلوا له نذرا ( الخدمة أو الرشاك كما هو متداول عندنا ) سنويا يتمثل في ذبح ثور والتصدق به وقيام الوليمة حول خيمته كما يجعلوا له نصيبا مما يزرعون ( 2 قرديات عن كل أسرة في السنة من كل ما يحصد من حبوب ) .
توالت السنين وظل النذر قائما ( ذبح الثور ومنح الحبوب ) إلى أن عاد الرجل الى الجزائر في نهاية القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين . وتوفي بالجزائر وترك إبنه الجيلالي الذي كان يأتي سنويا الى قبيلة بني مطهر ليأخذ النذر من الحبوب وربما في مرات قدومه كان يصادف الموسم أو الوعدة كما نسميها . توفي الجيلالي ولم يعد أحد يأتي ليأخد النذر ( الخدمة أو الرشاك ) . وترك الجيلالي كذلك إبن واحد سماه عن جده عبد القادر وكان شبه مختل عقليا ولم يغادر عين بني مطهر حتى بداية السبعينات .
توفي عبد القادر بن موسى بالجزائر
توفي إبنه الجيلالي بالجزائر
توفي عبد القادر بن الجيلالي بالجزائر
وما زالت القبيلة عند وعدها لم تخالف قط . هكذا ارد على كل من يتجرأ أن يفتح فاه في قبيلة من أرقى وأنظف وأكرم
وأشهم القبائل بالمنطقة إنفتحت على القبائل وإستاظافتهم وعايشتهم كلهم بدون إستثناء . كما أذكر وبقوة كل أبناء القبيلة الذين لايعرفون قدر أجدادهم وإسترخسونا وأنفسهم . وجعلونا في الركب الأسفل .
أنتم أنتم وأنتم أنا وأنا أنتم . أينكم أين الشهامة . إرفعوا الهمم .
للأمانة الرواية شفهية سمعتها ونقلتها عن الأستاذ الجليل السي الماحي ( حساني محمد ) له مِنا كامل الإحترام والتقدير .