تاريخ بناء القصبات بمدينة عين بني مطهر


تاريخ بناء القصبات

تاريخ بناء القصبات

في كتابة " وجدة و العمالة" يشير الملازم Voinot الى ان بداية بناء القصبات براس العين تعود الى العام 1697.

قرنين بهذا التاريخ، يبدو ان قصبة المهايا شيدت سنة 1878 علما ان السلطان الحسن الاول كان اخضع قبيلة بني مطهر لسلطة القائد المهياوي الحاج بوبكر منذ العام 1875.
كملاحظة ربما للافلات من سطوة المهايا، فقد حاولت القبيلة الالتحاق بثورة الروكي الذي عين " احمر اللحية" قائدا عليهم.

قصبتي الفقرة و اولاد بن عيسى، لغيابهما عن الوصف في هذا التاريخ اي في كتاب La martinière et La croix يرجع بناؤهما الى ما بعد 1893.
قصبتي اولاد قدور و اولاد حمادي وجدتا زمن العامل ادريس بن عيش اي بين 1895 و 1897.
بالنسبة لقصبة الشرفة، ففي رسالة الى السلطان عبد العزيز بتاريخ: 12/01/1900 يذكر انهم اقترضوا من بني كيل مالا لبناء القصبة، و مكثوا فيها 5 سنوات و لانهم لم يستطيعوا رد الدين و خوفهم على انفسهم، فقد ارتأوا ان يهاجروا الى مدينة وجدة و بذلك تكون السنة الاقرب لبناء هذه القصبة هي 1894.
ظروف نشأةى عين بني مطهر:

قبل 1830، بتاريخ احتلال الجزائر، شكلت الهضاب العليا مسرحا للصراعات القبلية، للغزوات و الغزوات المضادة فكانت بطبيعة الحال قبائل قوية، و اخرى ضعيفة جدا، و كثيرا ما كانت تتناوب الغزوات كما كان يحدث بين المهايا و بني كيل و بين احميان، المهم انه لم تكن هناك حدود بين المغرب و الجزائر و كان الجميع يتقاسم بشكل او باخر الماء و المرعى.
بعد 1830، ستتغير المعطيات على الارض، فمن جانب الجزائر سيبدأ الجهاد ضد المحتل الفرنسي بيد الامير عبد القادر من 1830 الى 1847 سيأتي بعده مجاهدون اخرون على غرار الشيخ بوعمامة قائد و زعيم اولاد سيد الشيخ اغرابة من 1881 الى 1908.

كلا القائدين، كانا يجدان ملجأ على الاراضي المغربية و كانت الدبلوماسية الفرنسية تعتبر ذلك تدخلا مباشرا من جانب السلطات المغربية و قد كانت تطالب لاجل ذلك و في كل مرة تعويضا ماليا كبيرا.
بعد ذلك في 1902 من الجانب المغربي، ستبدأ ثورة الروكي ضد السلطان عبد العزيز، و سيبسط سلطانه على غالبية الجهة الشرقية، بل و سيتم التعاون بينه و بين الشيخ بوعمامة ضد المستعمر الفرنسي.
دخول ليوطي على المسرح:
في هذا الخضم ستبرز مساعي الاحتلال الواضحة لدى ليوطي و ستتزامن مع تغير في الدبلوماسية الفرنسية التي ستبدأ في التخلي عن المطالبة بالتعويض المالي في مقابل استراتيجية الشراكة و التعاون و خصوصا، توقيع الاتفاقيات و المعاهدات من اجل، بحسب زعمهم، اخراج المغرب من "الهمجية" الى المدينة و الحضارة.

و كان من بين هذه المعاهدات:
- الاتفاق التجاري ل: 24/10/1892
- بروطوكول باريس ل: 21/07/1901 الخاص بالديوانة و الشرطة بالمنطقة الحدودية.
- اتفاقات باريس 20 ابريل و فاتح ماي 1902.
كذلك على الجانب الاوروبي، اعطى التفاق الفرنسي الانجليزي ل: 1904 الضوء الاخضر لفرنسا لتبدأ سياستها فيما اسطلح عليه بالاختراق السلمي للمغرب.
بركنت النشأة:

كان ليوطي مهووسا بسياسة بقعة الزيت Tâche d’huile التي مفادها ان يختار مكانا للاحتلال، يضع به عددا مهما من الجنود للردع ثم يبدأ في بناء المدرسة و المستوصف و البريد، يتودد من خلالها للاهالي، و لكن دونما اغفال للقوة التي يبدو انه كان يحاول ان لا يستعملها قدر الامكان عندما ظهرت قضية بركنت Affaire de Berguent على الصعيد الدولي، اضطرت الحكومة الفرنسية الى ان تطلب من ليوطي سحب الجنود من راس العين الشيء الذي جعله يهدد بتقديم استقالته و علل اعتراضه الشديد بانه لا يعمل الا على تنفيذ الاتفاقيات خاصة فيما يتعلق باحداث الالسواق المشتركة و الشرطة من بين دفوعاته، ان احتلال راس العين تم بموافقة المخزن من خلال عامل وجدة " ارقينة" الذي حسب قوله، كان مبتهجا بهذا الانجاز في مقابل الخطر المحذق من طرف الروكي و الشيخ بوعمامة.

من بين هذه الدفوعات ايضا، انه كان يفصل بين جغرافيا بركنت و راس العين تطبيقا لاتفاقات 1902 مدعيا ان بركنت هي التطبيق العملي لمبدأ السوق المشتركة و ان على المغرب ان ينفذ حصته من التفاق في راس العين.
بدأ الاحتلال في 15/06/1904 على الضفة اليمنى لواد الشارف ثم انتقل في العشرين منه الى قصبة المهايا و بمحاذاتها. ثم ذلك بواسطة القائد Henrys على راس حوالي 1000 جندي و بعض التجار.
تطبيقا لسياسة بقعة الزيت ، و مباشرة بعد تثبيت معسكر الجنود في الموقع الحالي لمصلحة الاشغال العمومية، بدأ العمل على انشاء تجزئة سرعان ما قامت عليها 23 مسكنا ذاتيا على شارعين بطول 80 متر و عرض 18 متر.
Juillet 1905، هذه الدور كان يقطنها 32 شخصا منهم 9 نساء.

المدرسة و المستوصف شرع في العمل بهما نفس العام، و مكتب البريد العام الذي بعده اي 1906.
من بين الاسئلة التي تشوقنا كمنحدرين من عين بني مطهر هو: هل بركنت هي اول من احتلها المستعمر بالمغرب؟
كثيرة هي الوثائق التي تشهد بمغربية بشار و بن عباس و تندوف فمن المعلوم، ان احتلال بشار لم يتم الا في 1903 علما ان الجزائر احتلت منذ 1830، و قد كتب Andie Maurois في المجلة الاسبوعية ان احد الوزراء تحدث الى الحاكم العام للجزائر قائلا: كيف؟ احتللتم بشار؟ لكن يجب الانسحاب، انتم على اراضي مغربية.

في رسالة من ليوطي الى الجنرال Gallieni بتاريخ 14 نونبر 1903 يكتب انه حتى قبل مغادرة باريس، كان قد اخذ الاذن باحتلال بشار و انه امر ببدأ التنفيذ في 7 نونبر و قد احتلها فعلا بدون مشاكل تذكر و يضيف انه تجنبا لبعض الحساسيات الدبلوماسية، فبشار لم تعد تسمى بشار بل كولومب، يجب فقط ان نتفق ..."
ابعد من بشار، في رسالة الى النائب Eugene Etienne بتاريخ 15 مارس 1904 يكتب ليوطي انه، في كل مرة يحرك فيها الجيش، يقوم باعلام العامل بكل ما يفعله تحت مسمى " الشرطة المشتركة" و على نفس القاعدة، تسري سياسته ببشار و ابن عباس، ففي ابن عباس Regnant بصدد اقامة اتفاق مع ايت خباش و بني امحمد، قبيلة بربرية، باتفاقيات مكتوبة تظهر طاعة السلطان.

بقيت الاشارة الى ان الاحتلال الاخير لمنطقة راس العين سبقته غارات و احتلالات قصيرة الامد في: 1849 ثم 1852 من قبل الجنرال Demontoban كذلك في 1859 من طرف الجنرال Durrien الذي استقر بها من 9 الى 11 اكنوبر في اطار في مهمة معاقبة بني يعلا و المهايا.
ثم اخر احتلال مؤقت، كان من طرف القائد Henrys في يناير 1904 عند رجوعه من لمريجة بعد معاقبة بني كيل.
قبل الخوض في اصل و معنى تسمية بركنت، لابد من الاشارة الى انه كانت هناك حضارات قديمة بالمنطقة، قد يبدو هذا العنوان ذا مدلول كبير، و هو فعلا كذلك، لكن البحث فيه قليل جدا و هو بالتالي هنا عبارة عن اشارة فقط الى ان هذه الارض استوطنتها حضارات تعود الى العهد الحجري.

اشير ايضا الى انه منذ بداية الاحتلال، عرفت منطقة راس العين حملات استكشافية خاصة من قبل العسكريين و الضباط الذي كان لهم المام او تكوين ولو بسيط بعلم الاثار، فلقد اكتشفت مدافن قديمة سواء من قبل Alex de Redmayne 1909، 1910 Voinot او عقود بعدذلك من قبل القائد Biard في 1951.
بركنت: الاصل و المعنى:
لا احد يشكك في ان لليوطي " حقوق المؤلف" على هذا الاسم فلقد اعطى اوامره باحتلال المكان و تسميته Berguent فمن اين له به ؟
كان و لايزال اسم بركنت يثير جدلا و اجتهادا حول اصله و معناه، .... قائل بانه اسم اول جندي او ضابط وضع رجله بالمكان و هو ما لا اساس له استناد لما سبق ذكره، او من ان هذا الاسم يحمل اصلا بربريا بمعنى السواد، الا ان هناك احتمالا ثالثا اجده اكثر واقعية و هو ما لم اكن اتوقع ان اجده ابدا و قد وصل الامر بي الى ان خلصت ان ليوطي قد دفن سره معه.

وجدت في كتاب بغية الرواد لابي زكرياء يحي ابن خلدون العبارة التالية:
المترجم له هو Alfred bel و قد قام بذلك في 1903 اي سنة او اقل من سنة على احتلال راس العين و انشاء بركنت. هذا الشخص عمل مع ليوطي الذي استدعاه من تلمسان التي كان يعمل مديرا لمدرستها و قد كلفه ببناء متحف البطحاء بفاس سنة 1915.
اريد القول، ان التعاون بين الشخصين و لان مسعاهم كان واحدا، فمن المؤكد انه هو من اوعز اليه بهذا الاسم على اساس ان له اصلا في المكان و ان لا احد لا يعلم به و الغرض انه اذا سئل عن مكان تواجده، يجيب انا لست في راس العين، انا بركنت يعني لست في المغرب.

بالنسبة للكتابات العربية، يحزم عبد الرحمان ابن خلدون بان بني مطهر هم من اصل بربري و ينحدرون من بني قاسم و هم احد الفروع الستة لبني عبد الواد المنتمين لقبيلة زناتة، و بذكر ان حمامة بن مطهر كان احد شيوخهم و احد رجالات عبد المومن، و انهم ليست لهم صلة بالصل العربي الا من خلال اسم القاسم، لكن هناك راي اخر من داخل اسرة ابن خلدون.
ابو زكريا يحي ابن خلدون، الاخ الاصغر لعبد الرحمان في كتابه " بغية الرواد في ذكر ملوك بني عبد الواد" يذكر ان بني القاسم هم من اصل عربي و يربطهم بادريس الثاني من طريق محمد ابن عبد الله.

و السؤال الذي يتبادر في الذهن هو: " هل من صلة لبني مطهر تلمسان و بني مطهر راس العين او هو فقط تشابه اسماء؟
هذا المبحث له اهمية خاصة في اصل اسم بركنت و مع ذلك، في سياق هذا السؤال، نقول ان بني عبد الواد، توسع حكمهم في شرق المغرب حتى فكيك بما فيها راس العين و هي فرضية لا يمكن القطع باستبعادها.

Slide 3
راس العين قبل 1904:
حتى قبل جوان 1904، شكلت راس العين محطة مهمة للقبائل الرحل، فعيون الماء التي جسدت هذه الاهمية، لم تكن محصورة على بني مطهر و لا على المراعي، ايضا، و السبب ان مبدأ القوة و السلاح و عدد افراد القبيلة كانت هي الفيصل و الميزان بنو مطهر، كانوا ضئيلي العدد مقارنة مع المهايا او بني كيل او احميان.
و بالرغم من جرأتهم، فكان لابد لهم من التعامل بحذر مع القبائل الاخرى الاكثر عددا و عدة.

و على سبيل المقارنة، حسب احصاءات 1893 ل: Lamartinière et La croix فقد كانت القبيلة تشمل 178 خيمة لضم 201 راجل و 95 فارس مسلحين في مقابل المهاايا الذين كانت لهم 1230 خيمة، 1387 راجل، و 778 فارس في الجانب العمراني، قبل 1904 كانت الصورة كما في الخريطة عبارة عن اراضي فلاحية تحيط بها بشكل شبه دائري 6 قصبات، اربعة منها لبني مطهر، واحدة للمهايا، و الاخرى للشرفاء الاسماعليين .

و الحمد لله رب العالمين.

و السلام.

مقتطف مترجم عن الفرنسية من بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في التهيئة والتعمير تحت عنوان: Ain Bni Mathar; ancrage d'un territoire لصاحبه المصطفى مجدوبي 2012