عبد القادر فلالي: لماذا المغرب مهم لبريطانيا؟
عبد القادر فلالي
بينما تحزم المملكة المتحدة حقائبها وتغادر الاتحاد الأوروبي، يبدو أن قادتها السياسيين يحلمون بإعادة بناء الإمبراطورية. ويجد الحزب المحافظ بشكل خاص في المغرب رؤية سلالة ممتدة في التاريخ قبل سلالة "ستيوارت". أحدث توجه لبريطانيا اليوم في الظرف الحالي هو التكتل مع الجغرافيات القريبة والأقل تكلفة لها لامتصاص الترهل الاقتصادي الذي تعيشه، والذي سوف يستغرق سنينا من أجل التعافي. المغرب ببناه التحتية وقدرته على تأمين سلاسل التوريد وأمنه الإقليمي البري والبحري وتجذره الإفريقي يجيب عن تطلعات لندن.
قبل أن تغامر بريطانيا في الوقت الحالي وتتوجه صوب تكتل "الهندي والهادئ" المصمم لرؤية القوة والنفوذ البريطاني إلى شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا والصين وأستراليا. سوف تتحرك بريطانيا بشكل مواز ودقيق خلال هذه السنة عبر طريقين: الطريق الأول هو وجهة المغرب ومنطقة الأطلسي لولوج إفريقيا ثم زيارة الدولة التي سيقوم بها "بوريس جونسون" إلى الهند، ونشر حاملة الطائرات "إتش إم إس الملكة إليزابيث" في "الشرق الأقصى".
إلا أنه على الرغم من أن هذه الزيارة ستلقى استحسانًا على الأرجح، لاسيما من قبل دول "الكومنولث" التي تشارك اللغة الإنجليزية وحب لعبة "الكريكيت"، فمن الصعب رؤية الفوائد طويلة المدى التي يمكن للمملكة المتحدة تأمينها من ذلك. يبدو على الأرجح أن الحكومة تريد استخدام مثل هذا التلويح بالأعلام البعيدة لأغراض سياسية محلية بدلاً من أهداف تجارية وأمنية ذات مغزى. وهذا ما يجعل من لندن تضع كامل رؤيتها في سوق واعدة وآمنة وقريبة.
هذه المصطلحات الثلاث أي "واعدة، آمنة وقريبة" تختزل تهافت بريطانيا على ولوج السوق المغربية بطريقة غير مسبوقة وخاصة أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سهل المأمورية على لندن للتعاطي المريح مع المغرب في شتى المجالات.
هناك جدل كبير حول تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على مدينة لندن بصفتها مركزًا ماليًا عالميًا، أعتقد أن لندن يجب أن تكون قادرة على التكيف مع العوائق الأكبر أمام خدمات الاتحاد الأوروبي، باستخدام الشركات التابعة والهياكل الإبداعية. والأمر يتعلق في السوق الواعدة الآمنة القريبة على سبيل المثال القطب المالي للدار البيضاء الذي يضاهي "جوهانسبورغ".
تعتزم بريطانيا جعل المغرب مركزًا وبلدًا محوريًا وبوابة إلى إفريقيا لتعزيز استثماراتها وصادراتها إلى القارة.
منذ مغادرة الاتحاد الأوروبي في (يناير) 2020، وجدت المملكة المتحدة نفسها بمفردها وعليها التفاوض بشأن اتفاقيات تجارية جديدة مع الدول لتحل محل تلك التي تفاوض عليها الاتحاد الأوروبي. يريد البريطانيون المزيد من الاستثمارات عالية الجودة وعالية التقنية في المغرب. يريدون طرح منتجاتهم في السوق الافريقي. إنهم يريدون جذب المصنعين الذين يستقرون في المغرب للتصدير إلى بلدان أخرى.
لذا فإن أي اتفاقية من شأنها خفض التعريفات الجمركية والحواجز التجارية ، سوف يرغبون في التوقيع عليها. ومشروع ربط المغرب بأوروبا عبر جبل طارق أصبح ملحا قبل أي وقت مضى في صلب الجيوساسة البريطانية الجديدة التي وجدت في الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب في صحرائه فرصة للامتداد عبر الأطلسي.
لتجنب أي صعوبات للعمال الإسبان البالغ عددهم 15000 عامل الذين يذهبون إلى الصخرة كل يوم، سيتعامل جبل طارق في هذه الرقعة إلى فضاء "شنغن" التابع للاتحاد الأوروبي في تنقل الأشخاص، بينما يظل إقليمًا بريطانيًا لما وراء البحار. سكان جبل طارق هم مواطنون بريطانيون ينتخبون ممثليهم في مجلس النواب في الإقليم ، بينما يتعين الملكة حاكمًا هناك.
تتمتع الأراضي البريطانية الواقعة وراء
البحار والتي تضم حامية عسكرية بريطانية وقاعدة بحرية بالحكم الذاتي في جميع المجالات باستثناء الدفاع والسياسة الخارجية.
إن أبجديات وزارة الشؤون الداخلية البريطانية تستند في أدبياتها الأمنية بالدرس المغربي في محاربة التطرف العنيف والجرائم العابرة للقارت.
تاريخ النشر : الأربعاء 6 يناير 2021 م