البحث عن أصدقاء في عتمة الماضي مدينة وجدة مدرسة إبن تومرت سنة 1961
بقلم : الخضير قدوري
بعد أكثر من خمسين سنة بالصدفة إستوقفتني الذكرى وقوف ناسك متعبد أمام مدرسة إبن تومرت المتواجدة إزاء المسجد الأعظم ( الجامع الكبير ) بمدينة وجدة متأملاً أطياف أصدقاء وصديقات أيام زمان
عندما كنا نتدافع في هذا السلم إلى الطابق الثاني حيث توجد غرفة الدرس التي كنا نتلقى دروسنا عن معلمينا أذكر بالاسم كل من السادة بن الضياف ـ والبشيرـ ومصطفى ـ ثم الصفريوي ومن طاقم إدارتها مديرها السيد أمل عبد القادر ثم حارسها السيد العياشي كتلميذ من تلامذة هذه المدرسة أذكر من بينهم السادة ـ مأمون عبد الله ـ وملوكي عمرـ وبنعزي ـ وموساوي محمد ـ ثم حمو الطاهرـ وغيرهم ممن لم أتذكر أسماؤهم ومن الإناث أذكر أيضا ـ الأوانس بوشيخي ـ وبريشي ـ وبوكاربيلا ـ ومخوخي
كم أتمنى لو يمن الزمان بعد أكثر من نصف قرن من الفرقة والقطيعة بلقاء أحد هؤلاء الأصدقاء والصديقات ممن قد أمهلهم الموت وطال بهم العمر إلى اليوم فنقف إزاء هذه المدرسة التي مازالت بنايتها قائمة تحدث التاريخ والأجيال وقد لا يعلم ماضيها ولا يسمع حديثها سوانا وبذكرنا إياها سينكون قد أعدنا إليها الحياة بعد موت طال أكثر من خمسين سنة أي واحد منا يقف أمام هذه البناية ساعة ستهدي إليه صورا نادرة
من أرشيف ذكريات تنبثق من عتمة ماض تغرقه في مستحم من دموع الرحمة والشوق والحنين إلى ماض مضى بكل ما هو جميل وإلى زمن طفولة لم يبق منها سوى أطياف الخيال وأثر السنين الحلوة والذكريات العذبة التي نقشت على القلوب أثارها بحروف من نور ونار ترى هل يكون الموت قد أمهلنا إلى اليوم فنلتقي ولو على فضاء الأثير ثم نتعانق عناق الأحبة المشتاقين فنشكر القدر الذي جمعنا بعد أن فرقنا وشتت شملنا لمدة تزيد على خمسين سنة