مجانين القرية بعين بني مطهر و التسلية في طبيعتها


مجانين القرية بعين بني مطهر و التسلية في طبيعتها

المصدر : رمضان بنسعدون

كنت لا أفارق والدي كظله ، كان بارعاً في البيع بالمزاد العلني ( الدلالة ) بمفترق شارعي فاس و السوق و كان براحاً يعلن عن الجنائز و إذا ما ضاع شيء من أحد و كانت تعتمده السلطة في إعلاناتها ، لم أكن أعلم حينها لما كنت أرى أبي يتردد على دكان يهودي و زوجته بالبلدة قال لي والدي بعد أن كبرت تلك اليهودية "مارينيت" منحت والدتي أقراص ساعدتها على ولادتي و بشارع فاس كنت أشاهد الرواج التجاري المنقطع النظير بحيث كانت إمرأة تدعى الحاجة أم الخير من قبيلة بني ڭيل تتاجر في الصوف و الكليلة

فكنت أشاهد البعض يمازح مجانين القرية منهم "مقراج وجدة" فيطاردهم لاعنا إياهم و يجالسون أمام أعتاب الدكاكين "خيرة بنت ما" و يلتفون حولها منهم من يفتح لها كفه و يطلب منها أن تقرأ له مستقبله ، تصيح في وجوه البعض ثم لا تلبث أن تذهب مهرولة غير آبهة بأحد و تتحدث بكثير من الكلام دون توقف و هناك أيضا كان المجدوب عبد القادر النهاري الذي كان يأوي بدكان سليمان مجدوبي بشارع إيسلي و كان المجنون بلخضر يعربد صخبا و يزحف كالحية بعدما يفقد عكازتيه فيأتي أقاربه ليناولانهما إياه .. كنت بمعية أترابي نلج الجردة و نتسابق لتسلق أشحار "تمر الترك" لنمحي غلة الجوع بعد السباحة ب "الڭلتة" التي كنا نؤمها بدلا من الذهاب إلى البحر ..

رافقت كثيرا والدتي إلى "ساقية حلق العسل" لجلب الماء تارة أو قصد التصبين فأعجبت بطبيعة "البردية" الخضرة و خرير المياه كم كانت رأس العين ساحرة و مبهرة قبل أن تجرفها آليات بوطيب بداعي إصلاحها ، في وقت كان خرابها ، تمضي الأيام و السنون في عربة الزمن دون أن يدرك لها الإنسان بالاً ، كانت الجردة الملاذ الوحيد لأبناء عين بني مطهر تتوفر على كل مظاهر الترفيه ، الشجار" الڭلتة " أين كان الجميع يطفيء لوعة السباحة أثناء حر الصيف و شمس البلدة تضرب بسياطها اللافحة ، لعين بني مطهر من المؤهلات الطبيعية ما يجعل منها مقصدا سياحيا بإمتياز ،

ما لم تحضى به حتى مناطق تعج بالسياحة ببلادنا إلا أن عمالة الإقليم جرادة تفتقد لمندوبية للسياحة تعنى بهذا المجال قد يتيح فرص شغل للعاطلين ، فالڭارة الهضبة المقطوعة أو المسطحة ناذرة الوجود شبيهة إلى حد ما هضاب كاليفورنيا الأمريكية .. كنا نتسلى بها أيام العطل فنصعد إلى عليائها ، فتظهر عين بني مطهر عروس تتملى في فستان أو لوحة زيتية أبدعها فنان .. وادي الشارف بمياهه المتدفقة ، كثيرا ما إصطدنا به الأسماك ، فهو يهدأ إلا أنه ما يلبث أن يباغث الساكنة بغضبه فيزمجر بفيضاناته من بعديد و لو في عز الصيف ،

ذات يوم قائض ، كنا أربعة أصدقاء و بجانبنا إثنان آخران جالسين وسط الوادي في إستراحة عقب فترة سباحة ، و لما غادرنا المكان بدقائق معدودة جدا بإتجاه صهريج رحال للتزود بالماء بعد ظمإ و نحن لا نزال بضفة الوادي حتى رأيت بأم عيني الوادي يزمجر بمياه فيضانية متلاطمة كألسنة من ماء تتقدم كالأفعى ضخمة لتلتهم كل ما يأتي أمامها ، هالنا المنظر و حمدنا الله الذي أنجانا من موت كان قد يجرفنا في تيار فيضان الشارف ..

****************************

قيل كذلكه

شكرا السي رمضان على هذا الوصف الجميل، لقد فكرتني بذكريات الطفولة عشتها بعين بني مطهر، فعلا الواد الشارف لي ذكريات معه، فكنت مولعا بالصيد وكم إصطدت فيه الأسماك التي كانت وافرة في ذالك الوقت، وكم شربت من ماء سانداج رحال حيث كنت أقطن قريبا منه في القشلة العسكرية، وكم أكلت من شجر تمر التورك، فيا ليت الماضي يعود ...

شكرا أخي رمضان على سرد ماضي عين بني مطهر و تذكيرنا بمجانينها: السي عبد القادر المجذوب و خيرة شانة و بلخضر و سالم و الطاهر و ڭازيل الذي كان ماهرا في السباحة.
أخي رمضان لو خصصت موضوعا لتذكرنا بأهل البلية و الحرف مثل :

ـ باحشي الطراح بمخبزة بلقاسم
ـ سعيد الحمال
ـ سماعيلي
ـ طوطو ولد مول الكارو
ـ ألخ

رجعت بنا أخي رمضان إلى الزمن الجميل لعين عرايس و الورويرات و البتِية والمصبن، وأمنين أتجوع دير على التوتة تاكل حتى تشبع ونغسلو يدينا بأوراق التوت وكمل العومة في رڭار التاج ولا دير على شانة اه يا ليام ليتها تعود

شكرا لك الأخ رمضان على هذا الوصف الدقيق والممتع في نفس الوقت لأنه يذكر بالزمن الجميل لهذه البلده التي ترعرعنا في أحضانها

أخي رمضان أحييك على كتاباتك التي تصلح أن تكون كتاباً لسيرتك الذاتية كأحد أبناء هذه البلدة الذين يحفظون ذاكرتها و هو بجد مشروع رواية أدبية رائعة للتعريف بالمكونات السوسيو ثقافية لمدينتنا

البلدة تحتاج إلى من يسرد رواية أو سيرة ذاتية تحكي ذاكرتها الثقافية و عاداتها و تقاليدها ... أتمنى من الأخ رمضان أن يفكر في الأمر وأن يتحفنا بكتاب يسرد كل ماضي مدينتنا الجميلة عين بني مطهر

****************************

مجانين القرية بعين بني مطهر و التسلية في طبيعتها

هذه ساقية حلق العسل ببني مطهر التي كانت تشق راس العين و لي فيها قصة انني رافقت والدتي لما كانت تصبن فيها و مرضت لما عمت فيها ....

تاريخ النشر: 11-11-2018 م